بيان حول الانتخابات السورية
بيان حول الانتخابات السورية
منذ اللحظة الأولى لحواراتها مع قوى المعارضة السورية، وقبل دخولها العسكري المباشر من خلال تفاهماتها مع الولايات المتحدة، سعت القيادة الروسية إلى الترويج لمصالحة مع النظام والتفاوض مع ممثليه ضمن حدود "الواقعية" السياسية التي تقوم على القبول بالأمر الواقع، وتدخلت بعنف إلى جانبه عندما بدأت موازين القوى تميل بوضوح نحو قوى الثورة والمعارضة. وسعت كذلك إلى تحويل المفاوضات حول هيئة الحكم الانتقالي والانتقال السياسي نحو حكم ديمقراطي، التي بدأت في جنيف في 2014، إلى مفاوضات حول تعديلات دستورية وشراكة سياسية من خلال محور سوتشي الذي استدرجت قوى الثورة والمعارضة إليه في مطلع عام2018، سعياً لإبعاد الحراك السياسي عن الخطوات السياسية الانتقالية. وتحولت العملية التفاوضية خلال سنوات قليلة من عملية تجري بين طرفين واضحين، يتكون الأول من ممثلي قوى الثورة والمعارضة حاملين طموحات الشعب السوري والثاني من ممثلي نظام الأسد، إلى عملية متداخلة مركبة تديرها لجنة موسعة تشمل شخصيات متعددة الانتماءات والمواقف.
إن تحويل العملية التفاوضية من مطالب في التغيير السياسي، وإعادة تركيب البنية السياسية للدولة، إلى مسار ينحصر بلجنة دستورية، كانت الفخ الذي سعت القيادة الروسية إلى جر المعارضة إليه، ويبدو أنها قد نجحت مع بعض قوى المعارضة التي وضعت كامل ثقتها بالقوى الدولية والإقليمية، مفضلة السير مع توجيهات دبلوماسية بدلا من العمل على توليد موقف وطني موحد يحترم قناعات ومطالب جماهير الشعب السوري الحر الذي وقف لسنوات في وجه تعنت النظام وعدوانه الوحشي على أبناء الوطن، وآثر التضحية بكل شيء من أجل سورية حرة كريمة. مع الأسف هذا ما يفعله بعض من يتحرك باسم الثورة من داخل الائتلاف واللجنة الدستورية دون اكتراث بقناعات السوريين الأحرار وقيم الثورة، ليحول قضية الثورة الداعية إلى الحرية وإلى تفكيك دولة الاستبداد كمقدمة لتحقيق الديمقراطية، إلى قضية تعديلات دستورية وانتخابات شكلية.
إننا ندرك أن الانتخابات الرئاسية والنيابية أساس الحياة الديمقراطية التي نصبو اليها في سورية، لكن لكي تكون الانتخابات ديمقراطية وحقيقية فإنها تتطلب تحقيق عنصري النزاهة والحرية؛ فلا معنى للانتخابات إذا لم تكن انتخابات حرة ونزيهة، ولا معنى ولا شرعية للرئيس إذا وصل إلى السلطة من خلال القمع والتزوير، ولا معنى ولا قيمة للبرلمان مهما كانت تسميته إذا وصل إليه كل مصفق يسعى إلى تحقيق مصالحه الشخصية على حساب المصلحة العامة.
تحتاج الانتخابات الحرة النزيهة إلى بيئة سياسية وحرية في التعبير والتنافس والحوار وهي غير موجودة حاليا في سورية. كما تحتاج إلى تأمين لصناديق الانتخابات بعيدا عن تدخل الأجهزة الأمنية، وهذا لن يتحقق إلا من خلال عملية انتقالية تقودها هيئة انتقالية تمثل قيادات وطنية شعبية تعكس التنوع السياسي السوري وتحل عند اطلاقها الأجسام السياسية الموجودة حالياً والتي لا تملك التفويض بالاستمرار في العمل بعد بداية المرحلة الانتقالية.
ثار الشعب السوري في وجه نظام الأسد الذي حافظ على الشكليات الانتخابية منذ عقود بعد تجريدها من معانيها وغاياتها. ولا يمكن تقزيم القضية السورية إلى مسألة عدم وجود عملية انتخابية، بل في تحكم مجموعة سياسية متسلطة بالفضاء العام والعمل السياسي والعملية الانتخابية ذاتها بحيث تنتج دائما نفس رموز الفساد والاستبداد التي حكم المجتمع السوري زورا باسم الديمقراطية والانتخابات الرئاسية والنيابية، في حين تتحرك الأجهزة الأمنية لاعتقال القيادات الوطنية المعارضة تعسفياً سعياً لمنع أي حراك سياسي يسمح بقيام عملية ديمقراطية تعكس خيارات الشعب السوري.
إننا ندعو قوى الثورة والمعارضة، وكل سوري حر وشريف، إلى رفض مهزلة الانتخابات السورية، سواء دعا إليها النظام أم أي جسد سياسي يتحدث باسم المعارضة، والإصرار على العملية الانتقالية، وشروط بيان جنيف الذي وافقت عليه المعارضة بأغلبيتها لأنه يدعو إلى تشكيل هيئة حكم انتقالي تقود العملية السياسية مع التأكيد أن الجمعية التأسيسية المنتخبة هي وحدها من يملك الحق في تعديل الدستور أو وضع دستور جديد للبلاد.
إننا نؤمن بأن سورية تحتاج إلى تغيير جذري لا شكلي عبر هيئة انتقالية تمثل الشعب السوري، وتعمل على توفير المناخ السياسي الحر والبيئة الحيادية الآمنة لمنع التلاعب بالعملية الانتخابية التي كرست الاستبداد والفساد في سورية منذ أن هيمنت الطغمة الحاكمة على مؤسسات الدولة السورية والمجتمع المدني السوري، وقادت البلاد إلى الواقع المرير الذي يعشيه الشعب السوري المعطاء بكل أطيافه وقواه السياسية.
الموقعون :
جورج صبرا
حسام الحافظ
عبد الكريم بكار
سهير الأتاسي
لؤي صافي
ميشيل كيلو
عبد الباسط سيدا
فداء حوراني
حازم نهار
ياسر العيتي
درويش خليفة
محمد الحاج بكري
فاخر عِوَض
صعب الحريري
حسان الصفدي
وليد تامر
عبد الباري عثمان
عدنان عبد الرزاق
نوار عطفة
أحمد رحال
أحمد الرمح
حسن عبيد
نادر الجبلي
محمد صبرا
ماجد كيالي
Comment