TEMIMI Abdeljelil 0

Lettre ouverte à M. Abdelaziz Boutaflika

17 people have signed this petition. Add your name now!
TEMIMI Abdeljelil 0 Comments
17 people have signed. Add your voice!
17%
Maxine K. signed just now
Adam B. signed just now

رسالة مفتوحة إلى السيد عبد العزيز بوتفليقة

رئيس الجمهورية الجزائرية

 

بعد التحية اللائقة بمقامكم،

لم يدر في خلدي توجيه هذه الرسالة إلى سيادتكم ولكن تسارع الأحداث التي تعرفها تونس هذه الأيام، حثني إلى تحريرها، راجيا تفضلكم بالاطلاع عليها إن سمحت مشاغلكم العليا.

نؤكد لكم سيادة الرئيس أن تونس المؤمنة بتكاملها النضالي مع الجزائر، كانت قد احتضنت أكثر من 35 ألف جندي  ( مجاهد -  جزائري) أثناء معركة التحرير الجزائرية وكانت إحدى المرجعيات النضالية والقاعدة الخلفية للثورة الجزائرية. وساهم مناضلون بارزون تونسيون في معارك التحرير وقيادات سياسية أمثال إبراهيم طوبال واحمد التليلي، وكان قصف ساقية سيدي يوسف من طرف فرنسا علامة بارزة لهذه المساندة النضالية للثورة التحريرية الجزائرية.

كما وتم تمرير الأسلحة الواردة من مصر إلى المناضلين الجزائريين عبر التراب التونسي ، وهذه بشهادة المؤرخين النزهاء من الجزائر أنفسهم وغيرهم، وتعاطف الشعب التونسي مع ثورة التحرير. وللتذكير فقط أنشأت إدارة جامع الزيتونة فرعين لها بقسنطينة لاحتضان الطلبة الجزائريين، هذا فضلا عن تسجيل المئات منهم الذين تكونوا على أيدي أعلام ومشايخ الزيتونة والذين كانوا يترددون على قسنطينة سنويا بالعشرات لترتيب الامتحانات هناك. وقد أقرت العديد من القيادات السياسية والعلماء الجزائريين بالدور التربوي للزيتونة في تكوينهم، وهذا ما يعكس قوة التكامل والتوافق بين الشعبين.

وإذا كانت القيادات السياسية للبلدين قد تقاطعت مواقفهما وسياساتهما لفترة محددة من الزمن لتباين قناعتهما وثوابتهما، فقد ظل الشعبان متحدين في السراء والضراء، وكانا يؤمنان ومازالا أن الذي يوحدهما أكثر مما يفرقهما.

وفي إطار هذا التوجه النضالي كان تخلي تونس على الحد الصحراوي رقم 233، له دلالة عميقة وعكس الإيمان المطلق بوحدوية الفضاء الترابي التونسي الجزائري لبناء مغربنا الكبير في عديد المجالات.

ومع هذا فإني كباحث معني أساسا بمستقبل فضائنا المغاربي، حيث برز للعيان أن تونس تعيش مناخا اقتصاديا حرجا جدّا ، في حين أن الجزائر أو ليبيا لديهما مخزون نفطي خيالي، وتدخل ميزانيتيهما  موارد بعشرات المليارات من الدولارات سنويا، وإن الجزائر استجابت لإقراض البنك الدولي بفضل فائضها المالي المرتفع. وكان يؤمل تقديم الدعم بأي شكل من الأشكال لتونس.

وأنا كباحث آليت على نفسي خدمة المغربة والتكامل بيننا عبر مسيرتي العلمية، فإنه يؤلمني حقا هذا الموقف اللامبالي ولا أجد له تفسيرا مقنعا ! وأرى أن دعم تونس يمكن أن يتم مثلا عبر وديعة في البنك المركزي التونسي.

وتأكدوا سيادة الرئيس أن موقفي هذا مستقل سياسيا وفكريا، وقد بينته لصديقي الأستاذ عبد القادر حجار سفير الجزائر بتونس أكثر من مرة، والذي تعرفت عليه منذ 42 سنة أثناء عقد ملتقيات الفكر الإسلامي التي كان يشرف عليها صديقنا المرحوم مولود قاسم.

أذكر فقط أن أولى زياراتي للجزائر، كانت بعد أربع سنوات من الاستقلال أي سنة 1966، وقررت على إثرها إعداد رسالتي لدكتوراه الدولة عن الجزائر بفرنسا، خلافا للمؤرخين التونسيين الذين تخصصوا في تاريخ تونس، وبالفعل أحسست بعظمة الجزائر وجمالها، ومازلت حتى يومنا هذا تحت وقع هذه الزيارة الفارقة في حياتي واكتشفت يومئذ شخصية الحاج أحمد باي قسنطينة، آخر البايات وقررت إعداد رسالتي الجامعية عنه.

 وقد دفعني ذلك إلى تعلم اللغة التركية، وكنت أول باحث مغاربي وعربي يطلع على الوثائق العثمانية الخاصة بالجزائر وتونس وليبيا منذ سنة 1966، ثم تحولت إلى بريطانيا وفرنسا وعثرت على المئات من الوثائق التي تهم الجزائر. وكلها كانت وراء إثراء رسالتي الجامعية عن هذه الشخصية الوطنية الجزائرية الاستثنائية، بل والعربية. وللتذكير فإن الحاج أحمد أرسل أطول لائحة أمضتها مئات الشخصيات القسنطينية إلى البرلمان البريطاني سنة 1834 يناشدون فيها دعم نضالهم ضد فرنسا.

وقد قضيت لإعداد رسالتي الجامعية 10 سنوات كاملة وقمت بعشرات الزيارات لمراكز الأرشيف التركية والبريطانية والفرنسية والإيطالية ،ولم أطلب شيئا على الإطلاق من الجزائر لإنجاز ذلك، بل أن تونس هي التي تولت تقديم دعمها لي لإعداد رسالتي الجامعية. وقد نشرت هذه الرسالة قبل 35 سنة وأنا أعتز بها، ومازال المؤرخون الجزائريون ينوّهون بهذه الرسالة إلى اليوم.

وفضلا عن ذلك أنشأنا المجلة التاريخية المغاربية والتي أطفأت شمعتها الـ40 هذه الأيام، ونشرت أكثر من ألفي (2000) دراسة منها 450 دراسة أكاديمية عن تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر لمؤرخين جزائريين شبان وهم الذين استثاقونا، ناهيكم أن العدد الجديد للمجلة التاريخية المغاربية 150، ضم قسما هاما عن تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر وهو بحدود 10 دراسات علمية جديدة لمؤرخين جزائريين من الجيل الجديد.

كما قمنا بتنظيم أكثر من 150 مؤتمرا مغاربي وعربي ودولي ودعونا لها عشرات المؤرخين والباحثين الجزائريين وتحملنا نفقات سفرهم وإقامتهم لدينا، وارتبطنا وإياهم برباط معرفي دائم، بل إننا فتحنا مكتبة مؤسستنا التي تضم 21 ألف عنوان للباحثين الجزائريين والذين يتوافدون باستمرار على مؤسستنا، ليستفيدوا من أرصدة المعلومات المتوفرة لدينا. وتوفقنا  إلى نشر 212 عنوانا ونصدر ثلاث دوريات أكاديمية.

ثم إننا  سعينا  إلى مغربة المعرفة والبحث العلمي ونظمنا 4 مؤتمرات مغاربية ودولية عن : كلفة اللامغرب : ثلاث منها لدينا  في مقر المؤسسة والرابع بطنجة، وأثبتنا أننا جادون وماضون للمساهمة بخطى ثابتة وصادقة في البناء المغاربي رغم الإحباطات العديدة.

 وقد حضر الصديق عبد القادر حجار، سفير الجزائر بتونس، المؤتمر الأخير الذي نظمناه في أواخر سبتمبر 2012 وألقى خطابا مهما. وتأكدوا أني سأبقى وفيا لقناعاتي المغاربية وسأناضل من أجل تحقيق هذا الرهان لبناء فضائنا الجغراسياسي.

و أملي لكبير جدا في تعاطفكم مع اقتراحي هذا.

تلك هي سيادة الرئيس بعض الخواطر التي وددت إبلاغكم إياها بطريقة عفوية وصادقة.

كان الله في عوننا جميعا والسلام.

الأستاذ عبد الجليل التميمي

Links


Share for Success

Comment

17

Signatures